مشروع قانون حماية الرموز الوطنية ... صمام أمان

جمعة, 07/23/2021 - 15:06

 

تعتبر العلاقة بين حرية التعبير والسلطة بأنواعها علاقة ملتبسة شهدت على مر التاريخ شدًا وجذبًا تبادل خلاله كل منهما موقع القوة بناءً على المعطيات التاريخية والسياسية والاجتماعية والدينية، فتارة يتمكن الكتاب والفنانون والمبدعون بشكل عام من انتزاع قدر كبير من الحرية والحصول على مناخ مفتوح بدرجات متفاوتة، وتارة تتمكن السلطة بأشكالها المختلفة من فرض كلمتها بدرجات متفاوتة أيضًا تتراوح بين التقنين والتدخل الجزئي تارة وبين المنع والتدخل الشامل تارة أخرى.

في موريتانيا شهدت العلاقة بينهما في السنوات الأخيرة عدة اشتباكات فرضها ربما التطور الذي شهدته وسائل الإعلام من حيث الانتشار، مع سهولة تداول المادة الإعلامية بشكل كبير، الأمر الذي تمخض عن موقفين متباينين، يدعو الأول إلى مناخ مفتوح لوسائل التعبير كافة وإلى رفع سقف الحرية، فيما يدعو الثاني إلى مزيد من التدخل القانوني لفرض ضوابط على عملية التعبير عن الرأي، من خلال القوانين والتشريعات.

آخر حلقات مسلسل الشد والجذب حتى الآن كان مشروع قانون "تجريم إهانة الرموز والشخصيات الوطنية" الذي تمت المصادقة عليه خلال الأيام القليلة الماضية .

وقد أكدت المشرع الوطني إن مشروع القانون المذكور يأتي ”لسد الثغرات التي تم رصدها في منظومتنا الجنائية بغية تمكين الممارسين قضاة ومحققين من آليات قانونية واضحة لفرض سيادة القانون واحترام قيم الجمهورية“

وتقول المادة الثانية من هذا المشروع القانوني ”يعد مساسا بهيبة الدولة ورموزها من يقوم عن قصد عن طريق استخدام تقنيات الإعلام الرقمي أو ومنصات التواصل الاجتماعي  بالمساس بثوابت ومقدسات  الدين الإسلامي  أو الوحدة الوطنية والحوزة الترابية أو بسب أو إهانة شخص رئيس الجمهورية أو العلم أو النشيد الوطني“.

وسيعاقب مرتكب أحد هذه الجرائم – دون المساس بالعقوبات الأشد المقررة في قوانين أخرى-، بالسجن من سنتين إلى أربع سنوات وبغرامات  مالية من 200 ألف أوقية جديدة إلى 500 ألف أوقية جديدة.“

ويؤكد هذا القانون بعيدا عن المزايدة والمغالطات أن لكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول، أو الكتابة، أو التصوير، أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر"، بطريقة قانونية تحترم الاخر وتصون كرامته .

وان كان البعض  يطرح السؤال وله الحق عن تعريف "الرموز الوطنية" قائلا "من هم الرموز؟ فنحن أولًا في حاجة لتحديد من هم الرموز"، مشيرًا إلى أن من يعد رمزًا عند شخص أو طائفة قد لا يعد كذلك عند شخص أو طائفة آخرين.

أما الجزئية الثانية من السؤال المطروح فهي توصيف الإهانة أو المساس نفسهما، حيث يتساءل البعض "ما الأفعال التي نعتبرها مساسًا بالرموز؟ لغة لابد أن تكون الكلمات شديدة الدقة، وألا يكون النص فضفاضًا".

القانون من حيث المبدأ ضروري من أجل ضبط التجاوز فهو ضد تشويه الناس وتشويه سمعتهم".

يرى المؤيدون لمشروع القانون أنه لن يمس ممن يتعرض بالنقد للشخصيات الوطنية ، وإنما يتعلق الأمر بالسب والقذف كما ينص عليه قانون العقوبات الموريتاني حسبما تقرره المواد المخولة بتحديد صفة السب والقذف وعقوبتها.

 

وخلاصة القول في موضوع المشروع فان الاتهامات لا تفسر شيئًا ولا  مشكلة ثقافية وتعليمية ومن ثمة بصفة أمنية كما جاء هذا القانون

ويمثل هذا القانون صمام الأمان لكل الموريتانيين في ظل قيادة متريثة في تحيين القوانين وساهرة علي خدمة ورعاية خصوصيات مواطنيها .

نوح ولد محمد محمود / المندوب الجهوي للمكتب الوطني للسياحة في داخلت انواذيبو وتيرس الزمور