علي الشرفاء الحمادي: ترسيخ مفاهيم الوحدة العربية والتخلص من التشتت مسؤولية القادة.. أطروحة جديدة

جمعة, 12/08/2023 - 11:05

 

الكاتب باحث ومفكر، مهتم بالشأن العام العربي والإسلامي وله العديد من المؤلفات والأبحاث المرموقة

الملخص

في أطروحة اليوم يقدم المفكر العربي الكبير الأستاذ علي محمد الشرفاء الحمادي رؤية موضوعية حول تأسيس وحدة عربية تهدف إلى التخلص من التشتت والصراعات والفرقة التي تسببت بشكل مباشر في تخلف بعض الدول وضياع ثرواتها، ويذكرنا الكاتب بما تملكه الدول العربية من خيرات ونعم حباها الله بها، ثم يضع لنا رؤية للمعالجة وتحقيق الهدف، من خلال إنعاش الطاقات العربية المهدرة من خلال منهاج عربي، وتعاون مشترك وفق آليات محددة، وترسيخ مفاهيم الوحدة، والتحرر من السلبية، والتخلص من الإرهاب والتطرف والنظر في الحقوق التي أقرتها الشرائع السماوية وفق مراد الله، واحترام القوانين والتأكيد على الوحدة، والتشاور والتنسيق بين القادة العرب، والإخلاص والنصيحة الصادقة، والمحبة والتكاتف.

واختتم الشرفاء طرح اليوم قائلا: تلك خواطر وأماني مواطن يعيش هموم أمته ويتألم لما آلت إليه علاقاتها من خلافات لا تجد طريقاً لحلها، وإلى تفاصيل المقال.

التفاصيل

مسؤولية تاريخية

لكي نستطيع أن نكون في موقف القدرة للاستعداد لدخول القرن الواحد والعشرين، فإن على الدول والقيادات العربية مسؤولية تاريخية أمام شعوبها التي تشتت وتخلفت وضاعت ثرواتها دون طائل وتردت في بعض الدول أوضاعها الاقتصادية، بينما هي تعيش على أراضٍ حباها الله بكل الخيرات، لكنها ترى ثرواتها تضيع أمام أعينها دون أن توظَّفَ في خدمة أوطانها لتحقق لها العيش الكريم.

المنهاج العربي

من أجل مستقبل مشرق لأبناء الأمة العربية، وإنعاشِ الطاقات المبعثرة، وتوظيفها في خدمة المشروع القومي على مستوى العالم العربي، لكي نصل به إلى تحقيق القدرة على مواجهة قرن جديد لا نعلم ما يخفيه لنا القدر، فان ذلك يتطلب إعداد منهاج عمل عربي مشترك لمواجهة أعباء ومتطلبات القرن القادم، وذلك كما يلي:

تعاون مشترك

أولاً: تشكيل فريق عمل مكون من وزراء التربية والاقتصاد والشؤون الاجتماعية والإعلام والخارجية والعدل، يشترك معهم ثلاثة من أعضاء البرلمانات العربية من كل قطر، يتولّى إعداد استراتيجية ترقى إلى تصور مشروع قومي للأمة العربية، كما يقوم بإعداد نظام أساسي جديد للعلاقات بين الدول العربية وأساليب الاتصال فيما بينها لتحقيق وحدة الموقف السياسي وترسيخ مفهوم وحدة الأمة ومصيرها المشترك.

وثيقة ترسيخ المفاهيم

ثانياً: إعداد مشروع (وثيقة شرف) تلتزم فيها الدول العربية، وتضع أسلوباً للعلاقات السياسية بينها، وتحدد طرق الاتصال لتحقيق وحدة الموقف السياسي وترسيخ مضمون وحدة الأمة العربية والمصير المشترك.

اتصال مباشرة بين القادة

ومن ذلك استحداث آليات جديدة، مثل شبكة اتصالات خاصة تمكن الزعماء العرب من الاتصال المباشر وتبادل وجهات النظر في أي موقف طارئ لمنع مضاعفاته وما قد ينتج عنه من فتنة، والاتفاق على موقف موحد لعلاجه بما يخدم مصلحة الأمة العربية.

التحرر من السلبية

ثالثاً: وضع ميثاق حقوق الإنسان العربي في الوطن العربي وتحريره من الخوف حتى يستطيع أن يتحول إلى طاقة إيجابية في المجتمع الذي يعيشه ويشارك فيه بمسؤوليةٍ وإخلاصٍ، وحمايته مما يتهدده من أية عوامل قهرية تكتم أنفاسه وتصادر حريته، إلا بجريمة ارتكبها ويحاسب عليها وفق القوانين وأمام المحاكم لتقرر العقوبة في حالة ارتكابه الجريمة أو تبرئ ساحته في حالة البراءة من التهمة الموجهة إليه.

حقوق أقرتها الشرائع

تلك الحقوق أقرتها الشرائع السماوية وأكدتها الشريعة الإسلامية في أروع صورها، فلا إرهابٌ لفكرٍ ولا قهرٌ لرأيٍ ولا مصادرةٌ لحريةِ إنسانٍ، والجميع يحكمهم القانون الذي ينظم العلاقة بين الدولة والمواطن.

احترام القوانين

فالدولة تسهر على أمن المواطن ورعايته وتوفر له العيش الكريم، وفي المقابل على المواطن أن تكون مسؤوليته المحافظة على حقوق الوطن واحترامه للقوانين والذود عن ترابه والتفاني في خدمته في كل موقع بكل الإخلاص والولاء والأمانة.

تأكيد الوحدة

رابعاً: تتولى اللجنة إعداد مشروع قرار بإلغاء التأشيرات بين الدول العربية، وذلك لكي يتفق هذا مع ما تصرح به الدول العربية وبما تعلنه، ولكي تكون صادقة بما نعتقده نحن العرب بأننا أمة عربية واحدة ومصيرنا واحد ومستقبلنا واحد، وما يحققه ذلك من نتائج مهمة في تأكيد مضمون الوحدة العربية وتبادل المصالح بين شعوبها وإمكانية انتقال العمالة العربية الفائضة إلى الدول العربية التي تفتقر للعمالة، بحيث يساعد ذلك على تنشيط الحركة الاقتصادية.

المحافظة على العروبة

بالإضافة إلى ما يمكن أن يتحقق من جراء ذلك المحافظة على عروبة بعض الدول التي أصبحت نسبة العمالة الأجنبية غير العربية تشكل خطورة على أمنها القومي وعلى عروبتها وثقافتها.

موقف موحد

خامساً: أن تلتزم القيادات العربية التزاماً قاطعاً وصادقاً ومخلصاً بعدم اتخاذ مواقف منفردة في السياسة الخارجية، لما جره ذلك السلوك على الأمة العربية من مشكل وأعاق تحقيق أهدافها القومية وضاعف من تشرذمها وتمزقها.

التشاور والتنسيق

إن هذا الموقف يفرض نفسه بشدة وهو تحقيق مبدأ التشاور بين الدول العربية، ويكون للجامعة العربية دورٌ إيجابيٌ في التنسيق وسرعة الاتصال.

توظيف الطاقات

ويتم هذا بعد إعادة تنظيمها وتعديل قوانينها ولوائحها، لتكون مؤهلةً لتحمل مسؤولية القرن القادم وما يتطلبه من حشد الطاقات وتوظيفها في خدمة الأهداف القومية.

خواطر مواطن

تلك خواطر وأماني مواطن يعيش هموم أمته ويتألم لما آلت إليه علاقاتها من خلافات لا تجد طريقاً لحلها، وردود أفعالٍ تعمِّقُ العزلةَ بينها. فلو اتخذنا الحوار طريقاً لمناقشة مواقفنا وتصحيح أخطائنا، فلن نصل إلى ما وصلنا إليه من أوضاع لا نُحسد عليها.

الإخلاص والنصيحة

فليكن الحوار المخلص سبيلنا لمعالجة ما يستجد من أمور، والمصارحة طريقنا لمواجهة ما يطرأ من مشاكل، وأن يكون الإخلاص سلوكنا في النصيحة والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة وبأننا بإذن الله قادرون على تجاوز محنة الفرقة، إذا استعادت القلوب صفاءها وتمسكنا بحديث الرسول عليه الصلاة والسلام: “لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه”.

شعارنا المحبة

فليكن هذا شعار المرحلة القادمة، وعندها ستتحقق كل الأهداف وتتصافح الأيدي وتلتقي القلوب على المحبة والمودة، والله قادر على أن يعيننا على ما ابتلانا به وهو السميع الخبير.