يجتاج التحضير السياسي للمرحلة المقبلة الكثير من التركيز والعمل من أجل ضمان استمرار موريتانيا على المسار الإصلاحي الذي بدأته منذ سنوات بقيادة الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز، والذي عبّر أكثر من مرة عن احترامه التام لنظام المأموريات المنصوص عليه في التعديل الدستوري عام 2006، كما أكد في آخر إطلالة تلفزيونية له بمناسبة توقيع الاتفاق المشترك مع السنغال حول حقل آحميم أنه يسعى إلى ترسيخ فكرة الدولة بدل الارتباط بالأشخاص، وهي عبارة تحمل الكثير من معاني الوطنية والشعور بالمسؤولية؛ تلك الثنائية التي طالما افتقدناها لدى أغلب الشخصيات الفاعلة في حياتنا السياسية منذ الاستقلال وحتى اليوم.
ورغم أنه لا وجود لمعارضة سياسية مقنعة قادرة على مواجهة هذا النظام إن هو أراد تعديل الدستور بإجماع كل أركانه، إلا أن ذلك أصبح متجاوزا فقط من أجل تجسيد فكرة دولة المؤسسات بدل دولة الأشخاص التي انتهى عهدها وعهد الأحزاب السياسية المجسدة لها في زعاماتها الأبدية.
لذا فإن أي تحرك صادق في تشبثه بنهج هذا النظام انطلاقا مما تحقق للبلد في الفترة الماضية ينبغي أن يركز على ضرورة الاتحاد من أجل مستقبل أفضل لموريتانيا بعيدا عن الحسابات الشخصية الضيقة والحساسيات الجهوية البائدة، بدل التشتت والتشرذم في مبادرات مستعجلة، التي رغم احترامنا الكبير لآراء كل المنخرطين فيها، إلا أننا نرى أنها لن تغير من الأمر شيئا إذا لم يكن الهدف منها هو التشويش وزعزعة الثقة بين أركان النظام في مرحلة تحتاج الكثير من الهدوء والانسجام.
لقدت رفعت قيادة رئيس الجهورية للبلاد في السنوات الماضية سقف التحدي عاليا، وهنا تلزمنا الإشارة إلى أننا نتفهم كثيرا بحث بعض الصادقين عن طريقة يمكن من خلالها السماح للرئيس بقيادة البلد لفترة ثالثة حرصا منهم على مستقبل البلاد، إلا أننا نرى أن المتابع بدقة لمسار هذا النظام سيدرك جيدا وبشكل ملفت حجم التطور الذي شهدته المؤسسة العسكرية في ظل قيادة الفريق الكتوم محمد ولد الغزواني، وهي مؤشرات مطمئنة لكل طامح من أجل استمرار هذا البلد على مساره التنموي الحالي مع مراعاة مبدأ التناوب السلمي على السلطة.
إن ذلك النجاح الذي حققه جيشنا ما كان ليحصل بدون قيادة رزينة ومسؤولة كقيادة محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الغزواني المعروف باتزانه وانضباطه وعمله الدؤوب في صمت وهدوء مع مراعاة تامة لحساسية مكانته القيادية ودورها، كما أن نجاحات جيشنا تحت هذه القيادة الفريدة لم تقتصر على تأمينه لحدودنا من الجهات الأربعة فسحب، بل امتدت حتى إلى المشاركة في عمليات دولية لحفظ السلام ومحاربة الإرهاب، وهي عمليات كان لبلادنا تمثيلا مشرفا فيها.
إن مستوى الجاهزية والتحديات الذي وصلته المنظومة العسكرية في بلادنا لأول مرة بتاريخها ليشهد أنها طوال الفترة الماضية قد حظيت، عند تولي محمد ولد الغزواني بقيادة متمتّعة بالحكمة والمثابرة والإبداع. وهذا ما تشهد عليه جهات رقابة عدة في الداخل والخارج، ويكفي ربما أن الشارع الموريتاني في يومياته العفوية يعرف هذه الحقيقة ويشيد بها، ما يثبت أن عمل الرجل كان دائما على القدر المطلوب والمرجو، ففي اللحظات التي كان البعض يبث دعاية مغرضة عن جيشنا الوطني كان هناك من لا يلتفتُ إلى ذلك العبث ويعمل في صمت وبحنكة، وهذا كان شأن القائد محمد ولد الغزواني ومن بعده كافة أفراد جيشنا الساهر من أجل أمن وطننا وسلامته. إن خبرة القائد محمد ولد الغزواني جعلته قادرا على قيادة الجيش الوطني وتسييره طوال فترة عصيبة ومليئة بالتحديات الجسام، فباستناده على استراتيجية مؤسسية ومدروسة، استطاع أن يجعل منه جيشا وطنيا قويا، له القدرة على القيام بدوره العسكري والأمني بسلاسة تامة ومعنويات مرتفعة، وكذلك القيام ببعض المهام المدنية ذات الصلة بمجال التنمية وتحدياته المطروحة.
إذا وانطلاقا مما سبق فإن هذا الرجل الذي استطاع النهوض بالمؤسسة العسكرية في السنوات القليلة الماضية، وتحويل جيشنا من جيش ضعيف يستجدي التعاطف من الخارج في معاركه مع المنظمات الإرهابية التي كانت تباغتنا في عقر ديارنا إلى جيش قوي قادر على حماية وطنه دون مساعدة من أحد، ولا غنى عنه في التحالفات الدولية لمحاربة الإرهاب وحفظ السلام في قارتنا الإفريقية وعالمنا العربي، لقادر على قيادة البلد في الفترة المقبلة بالشكل المطلوب نظرا لمميزات الحكمة والقوة التي يتمتع بها كقائد لمرحلة استثنائية في تاريخ هذا البلد، كما أنه من أكثر الشخصيات الوطنية قبولا في الوسط الشعبي المحلي، بالإضافة للمكانة الكبيرة التي يحظى بها دوليا انطلاقا من نجاحاته المشهودة. ولن يحتاج وصوله للسلطة إلا لإعلان ترشحه واستعداده الشخصي لتحمل هذه المسؤولية من أجل وطنه وشعبه، وليؤكد بالفعل أنه هو رجل المرحلة.