عاجل / نداء إلي الدولة بتحمل تكاليف مرضي السرطان

اثنين, 01/03/2022 - 16:27

بسم الله الرحمن الرحيم
قبل عدة سنوات قررت دخول ميدان العمل الخيري  للتخفيف - قدر جهدي- من معاناة المصابات بمرض السرطان،  بعدما وقفت بنفسي على حجم معاناتهم المادية والمعنوية في كل مرحلة من مراحل العلاج. 
لقد كان أملي كبيرا جدا، خاصة بعد أن وجدت مجموعة كبيرة من الرجال والنساء يحملون معي نفس الهم وقررنا أن ننطلق في عملنا ونوحد جهودنا كي نصل إلى الهدف الذي لايراودني شك أن كل واحد منا حريص على تحقيقه، وهو التخفيف من معاناة المرضى، وطبعا كانت فكرتي وقناعتي - ولاتزال-  أن ذلك لايمكن بدون تحمل الدولة لتكاليف العلاج عن كل مواطنة أو مواطن بدءا من لحظة تشخيص إصابته وصولا إلى مرحلة شفائه التام، خصوصا ونحن ندرك أن تكاليف العلاج باهظة في بلدنا،  فكم من أسرة دمر هذا المرض مصادر رزقها وكم من أسرة كانت متوسطة الحال فباعت ممتلكاتها ومقتنياتها من أجل علاج مصاب لها فأضحت لا تجد قوت يومها فتكالب عليها المرض والفاقة، هذا عن الأسر المتوسطة فما بالك بالأسر المتعففة التي لا تملك في الأصل ماتعيش به؟ 

عندما كنا في أولى الخطوات العملية في سبيل إقناع الدولة بضرورة وأهمية تكفلها بمعالجة المصابين بهذا الداء العضال، وبعد الكثير من الاجتماعات والتحضيرات لإطلاق حملة وطنية للحث على تلبية هذا المطلب - الذي لايمكن أن تحل مكانه عشرات المبادرات مهما جمعت من التبرعات -  تلقينا خبرا كان له وقع الصدمة علينا.. إخوة وأصدقاء آمنوا بالفكرة وأشادوا بها وعبّروا عن استعدادهم للعمل معنا في سبيل تحقيقها، وتعهدوا بالسير معنا لتحقيقها بل قطعنا بالفعل بعض الخطوات لتجسيدها، إذا بهم يتنكرون لنا ويختطفوا الفكرة ليذهبوا بها منفردين في الاتجاه غير الاتجاه الذي أردناه لها.
أردنا أن يكون المشروع عمليا يمكث في الأرض وينفع الناس، وأرادوه مجدا شخصيا يتباهون به ويرتبط بأسمائهم دون أن ينفع المصابين.

عبارات اللغة لاتكفي وحدها لوصف حالة الحزن والأسى التي تعترينا عندما نشاهد بعض العاملين الصادقين والمتحمسين لخدمة مرضى السرطان يعملون بدون فهم لماهية العمل الخيري وليست لديهم دراية ولا آليات للتخفيف الحقيقي والدائم من معاناة مرضى السرطان.
 لايفهمون أنه مهما بلغت وسائلهم فإن ذلك لا يغني عن أن تقوم الدولة بواجبها عبر إنشاء  آلية وطنية أو تحديث قوانين الصندوق الوطني للتأمين الصحي بحيث يشمل مرضى السرطان بصفة تلقائية لحظة اكتشاف المرض وتشخيصه من الطبيب حتى آخر لحظة في العلاج (تحمل جميع الأعباء المالية من فحوصات وعلاجات وأدوية بنسبة 100 %). 

لم أكن أتوقع أن أصادف من يعارض هذه الفكرة، بل ومن يعمل ضدها محاولا طمسها وحجبها، قد أتفهم من بعض الصادقين شعورهم بصعوبة تحقيقها لكن ماصدمني هو أني شعرت من بعض الناشطين في الميدان "الخيري" عدم رغبته في تحقيق وتجسيد فكرة كهذه على ارض الواقع لأنها قد لاتتناسب مع أهدافه ورسالته، ولأنها قد تحول دون تحقيقه لمجد شخصي أراده خالصا لذاته.
لقد اتفقت مع بعض هؤلاء أن نعمل على تحقيق مستقبل أفضل للمرضى من خلال إطلاق حملة وطنية للمطالبة بتأمين صحي شامل لمرضى السرطان من جهة، ومن جهة أخرى أن نعمل على مشروع خيري كنت أعمل عليه منذ أكثر من سنتين دراسة وتحضيرا ونشرا للوعي بضرورته وأهميته حتى نؤسس له أرضية صالحة، من أجل ذلك زرت المركز الوطني للإنكلوجيا عدة مرات، ودونت النواقص والتحديات كما زرت عددا كبيرا من المراكز المتخصصة في علاج السرطان في بعض الدول الأوروبية الرائدة كي تكون لي صورة كاملة وشاملة عن مايحتاجه بلدي في هذا المجال ومن خلال هذه الزيارات الميدانية زادت قناعتي وإيماني بأهمية العمل الذي أقوم به وولدت لدي قناعة راسخة - بعد دراسات معمقة- بأن هذا المجال يحتاج إلى عمل نوعي وشامل ومختلف.

شاركت هذه الخلاصة وهذا التوجه مع بعض الإخوة والأخوات ممن تقاسموا معي هذا الهم الذي طالما أرقني لأني لمست فيهم نفس الحماس والحرص الذي عندي - وربما أكثر- من أفكار واستراتيجيات عملت عليها طوال سنين عديدة وكانت لحظة بداية الشروع في تنفيذها قد اقتربت، بعد أن وضعت اللمسات الأخيرة على تنفيذها ونسقت مع جهات عديدة لتنفيذها.. قمت بالتنسيق مع جهات تنفيذية رسمية وأخرى تشريعية من نواب في  البرلمان وجهات طبية وقانونية كي تخرج الفكرة بحلة قانونية واضحة للجميع لاينقصها غير استجابة الدولة لها وتنفيذها... تبنت هذه الشخصيات الفكرة وتبادلنا الآراء حولها وآمنت معي بنفس الهدف وقررنا العمل سوية على دعوة وحث الجميع على التعاون من أجل ايصال الفكرة إلى الجهات المختصة في الدولة الدولة كي تشرع في خلق تأمين صحي كامل لمرضى السرطان. 

 ختاما لهذه الملاحظات التي ينبغي أن تكون واضحة للجميع والتي استنكفت عن الخوض فيها لأسابيع حرصا مني على عدم التشويش على حملات التبرع لصالح مرضى السرطان، ومن المعلوم أن أي جهد يستفيد منه مرضى السرطان فإني داعمة له، أؤكد انني سأواصل السير في سبيل تحقيق هذه الفكرة التي أرى فيها الحل الفعال والشامل لتخفيف معاناة مرضى السرطان وعليه فإنني أجدد الدعوة لكل مواطنة ومواطن يرى معي أهمية هذا المشروع أن يلتحق بنا كي نحققه على أرض الواقع بإذن الله تعالى. ومن الضروري أيضا التأكيد على أننا في المبادرة الوطنية للمطالبة بالتكفل بمرضى السرطان لا نستقبل التبرعات من أي نوع ولانسعى لجمعها مطلقا، وليس لدينا أية حسابات مصرفية لاستقبال التبرعات.. هدفنا هو إطلاق حملة وطنية لمطالبة الدولة بتحمل جميع تكاليف علاج مرضى السرطان على عموم التراب الوطني بغض النظر عن حالتهم الاجتماعية والوظيفة، وعندها فلن يكون ذوو المرضى بحاجة إلى جمع التبرعات. 
 
كما أوجه ندائي أيضا للبرلمانيين والأطباء ورجال القانون والنخب والعاملين في المجال الخيري  للسعى في هذا الإطار ولكل من لديه قناعة بهذه الفكرة وأهمية هذا المشروع أن يلتحق بنا لعل الله يوفقنا أن نكون سببا في تحقيق هذا الهدف النبيل.. والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل.
أميلي منت الغوث 
رئيسة المبادرة الوطنية للتكفل بمرضى السرطان