
يُدركُ كل مُلمٍ بالثقافةِ عَارفٍ بها أن أهمية المهرجانات الثقافية الدولية لا تتجلى في دورها المحدود المحوري فقط، بل يبرز إشعاعها منعكِساً على المستوى الوطني والدولي بشكل عام.
لقد عرفت مقاطعة الطينطان بولاية الحوض الغربي مهرجان موسيقي الرعاة الدولي في نسخته الثانية، حيث أثبت المهرجان قدرته على إشعال الأمل وتقديم رؤية جديدة لمستقبل المنطقة التي عانت من آثار السيول المدمرة، وذلك بفضل الرؤية الثاقبة والتفاني الملحوظ من مديره، الدكتور محمد فال ولد بخوصة.
لقد خدم مهرجان الرعاة الدولي كمنصة لإبراز التراث الثقافي الغني والواقع المعيشي لسكان الريف الموريتاني، إذ تمكن من تسليط الضوء على القضايا الملحة مثل التهميش والتطوير المستدام، من خلال فعالياته التي لم تقتصر على الاحتفالات فحسب، بل طالت جوانب تحسين التعليم والصحة والبنية التحتية في المنطقة.
في خضم هذا النجاح، تبرز شخصية الدكتور محمد فال ولد بخوصة كرمز للثقافة والتفاني والإبداع، فقد وضع كل جهوده ومعرفته وموارده في خدمة المقاطعة، بعد أن شهدت دماراً كبيراً بفعل السيول، فلم يكن هذا النجاح ليتحقق لولا إصرار ولد بخوصة على تحويل التحديات إلى فرص، مستثمراً في موارده الفكرية والمادية لتجديد الأمل في قلب الطينطان.
لكن في ظل هذه النجاحات، يتجلى بوضوح غياب الدعم المؤسسي، والذي يمثل أحد الأوجه المحزنة للواقع الثقافي في البلاد، فقد شهد المهرجان غياباً ملحوظاً لوزير الثقافة أو من ينوب عنه ، غياب أثار استياءً واسعاً في الأوساط الثقافية والإعلامية في المنطقة التي عانت من نكبة السيول ، حيث كان من المتوقع أن تكون الوزارة - وهي المعنية بالثقافة والإعلام - في طليعة الداعمين لمثل هذه المبادرات التي تعيد الاعتبار للمناطق المتضررة وتساهم في نشر الثقافة والوعي.
إن التاريخ يسجل كل فعل، وكل جهد يُبذل، وسيظل يذكر أولئك الذين قاموا بدورهم الكامل في دعم نجاح المهرجان، كنائب الطينطان الحالي سيد محمد ولد السييدي ونائبها السابق محمد المختار ولد الطالب النافع ووزير الداخلية السابق محمد غالي ولد اشريف أحمد بينما يظل موقف المتقاعسين من أبنائها في الذاكرة كدرس يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار.
لم يكن مهرجان الرعاة الدولي مجرد احتفالية بل كان تجسيداً للأمل وإحياءً للثقافة والسياحة وتجديداً للتنمية، ويظهر ذلك من خلال الوفود الدولية التي حضرته من كل حدب وصوب، ورغم التحديات، فإن إصرار المبدعين والمخلصين سيظل ينير الطريق نحو مستقبل أفضل لمقاطعة الطينطان وسكانها./
نوح محمد محمود أحد مواطني الطينطان .