«الله نزل أحسن الحديث»… الخطاب الإلهي للناس / المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي

سبت, 04/05/2025 - 13:11

 

دين الله الإسلام
آمن المسلمون بالإسلام وصدّقوا بكتاب اللهِ (القرآنِ الكريم) الذي تضمّن رسالة الله للناس للدخول في دين الله الإسلام، ودستور الإسلام هو القرآنُ ولا شيء يُضاف إليه أو يُنقِصُ منه، وإن حدث ذلك فقد اعتدى الإنسان على رسالة الله التي أنزلها على رسوله الكريم، وقد أكّد لنا اللهُ في كتابه الذي يؤمن به المسلم وهو شرط لكل إنسان ليّصِحَ إسلامه في قول الله سبحانه:

(اللَّـهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ) (الزمر:23).
(وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّـهِ حَدِيثًا) (النساء: 87).
( وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا) (النساء: 122).
وقال سبحانَه مُبطِلاً كلَّ الأحاديث والمقولات التي تسبّبت في التحريض على القتل بين المسلمين، وسفك دماء الأبرياء وتفريق المسلمين إلى طوائف وشِيعِ وأحزابٍ، ونشر خطاب الكراهية، وتشجيع العدوانَ، لذلك قال اللهُ سبحانه مخاطباً رسوله عليه السلام بصيغة استنكارية، حيث يقول له: (تِلْكَ آيَاتُ اللَّـهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّـهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ) (الجاثية: 6)،

في كتاب «الله نزل أحسن الحديث» يؤكد مؤلفه المفكر العربي الكبير علي محمد الشرفاء الحمادي، على أن أصدق الحديث حديث الله وأصدق القول قول الله وذلك قول الله الذي بلغه الرسول بلسانه عن ربه للناس فهل من المنطق أن يؤلف الرسول أحاديث من تأليفه في الوقت الذي قال للناس أن كلام الله وآياته أحسن الحديث وأصدق الأقوال؟

ويضيف: ثم يخاطب الله رسوله بصيغة استنكارية كيف يتّبع المسلمون أحاديثَ غير أحاديث الله في آياته في قوله سبحانه: (تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ) الجاثية (6).

يقول المفكر علي الشرفاء: آياته التي تدعوهم للسلام والرحمة والحرية والعدل، وتحريم العدوان وتحريم قتل الانسان والابتعاد عن عبادة الأوثان سواءٌ من الحَجَرِ أو عبادة البشر عن طريق الأولياء وغيرهم من الأدعياء وعلى ما يبدو سيظلُّ فكر المسلمِ عاجزاً عن التحرّر من أثر السابقين وأساطير الأقدمين طالما هجر القرآن وصدق الرواة والرويات التي أصبحت بديلًا عن الآيات، فرَّقت المسلمين ونشرت الفتن وتخاصكم الأخوة وتصارع الأشقاء وتقاتلت الفرق المختلفة وسفكت دماء المسلمين، وتم تخريب الديار وتشرد الصغار بفعل الروايات والمرجعيات البشرية المتناقضة والحاقدة على بعضها، وكل منهم يبحث عن الجاه والسلطان وأصبحوا أحزابا استبدت بهم الكبرياء والتعالي على غيرهم وكل منهم يعتقدون أنهم المختارون من الله ليكونوا عباده المخلصين، الفرقة الناجية وغيرهم مآلهم جهنم بما كفروا بالروايات وإحجامًا من اتباع مرجعياتهم المخادعة التي عبثت برسالة الإسلام وخدعت المسلمين واستدرجتهم إلى طريق الشيطان.

ويستنكر المفكر علي الشرفاء الحمادي ما أسموها كذباً وتحريفاً بالسنة النبوية وجعلوا من أنفسهم حراس العقيدة كما فعل (فرسان المعبد من المسيحين المتعصبين للكاثوليكية وكانت بدايتهم الحروب الصليبية) من اتباع، وسيظل أكثر المسلمين المخدوعين بالروايات يرددون في كل عصر كما وصفهم الله سبحانه: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّـهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ) (البقرة: 170).

ويتساءل المفكر العربي علي الشرفاء الحمادي: ألم يقل الله سبحانه مبينًا للناس أن كل عصر يتحمل مسؤوليته دون غيره من العصور؟ ولا شأن للناس أن يتحملوا مسؤولية من سبقهم، أو أن يتبعوا أفكارهم وعقائدهم، أو يلتزموا بتفسيراتهم ويقدسوا فقاءهم. لذا فعلى المسلمين في كل عصر التدبر في كتاب الله لمعرفة مراد الله لعباده من خير وحياة طيبة للناس ومعرفة الحقيقة في مقاصد الآيات والحكمة الإلهية منها لمنفعة البشرية التي تحميهم من الضلال وتبين لهم طريق الحق من الباطل، كما قال الله سبحانه: (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) البقرة (134)، مما تعني الآية أن أفكار العصور السابقة وعقائد الأقدمين غير مُلزمة لكل عصر، بل على أهل كل عصر أن يتدبروا آيات القرآن ويستنبطوا ما ترمي إليه من مراد الله ومقاصدها لمصلحة الإنسان ومنفعته في الدنيا والآخرة؛ ليصحح المسلم مساره وينفض عنه غبار الماضي وآثاره وما خلفه من تراث أصاب المسلمين بالنكبات والكوارث، وحتى لا يكون حسابهم يوم القيامة مثل الذين سبقوهم من عشرات القرون، حيث سيواجهون موقفاً عسيراً يوم الحساب إذا استمرّ المسلمون في هجر القرآن الكريم إلى ما شاء الله.

يقول المفكر علي الشرفاء الحمادي: للأسف بالرغم من أن المسلمين يقرأون القرآنَ؛ لم يصلوا إلى مقاصد آياتِه التي يُستَشَفّ من بعضها أنّ الله سبحانه وعلى لسان رسوله الذي قال في يوم حجّة الوداع قول الله سبحانه: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) (المائدة: 3)، وقول الله سبحانه: (وَتَمَّت كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدقًا وَعَدلًا لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَهُوَ السَّميعُ العَليمُ ) (الأنعام: 115).

ويضيف: أمر الله المسلمين بقوله سبحانه: (اتَّبِعوا ما أُنزِلَ إِلَيكُم مِن رَبِّكُم وَلا تَتَّبِعوا مِن دونِهِ أَولِياءَ) (الأعراف: 3)، وبالرغم من قول الله مخاطباً المسلمين بقوله: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ ) (آل عمران: 103)، أعرض المسلمون عن طاعة الله ففرّقتهم الروايات المسماة بالأحاديث، علماً بأنّ الله ذكّر المسلمين أنّ كلماته هي أحسنُ الحديث وأصدقُ الحديث، تلاها الرسول عليه السلام من آيات القرآن على الناس بلسانه الصادق الأمين بعد أن بلغ الرسول عليه السلام الناس بقول الله سبحانه: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ) النحل (89).

ويتساءل المفكر الشرفاء: هل بعد ذلك يحتاج القرآن لروايات تضيف إليه هدى وإرشاد الخير البشرية جمعاء؟ أم أن تتبع رواية بعد تصنيفها من المخادعين أنها حديث يرقى إلى كلمات الله التي تدعو الناس للتعاون على البِرِّ، وليس التعاون على العدوان وعلى الرحمة والعدل والإحسان؟ وما رواه الراوون والفقهاء من التحريف والتزوير على رسول الله الذين تجرّأوا على كلمات الله وعلى قرآنه، فضلّوا الطريق وأغراهم الشيطان ودفعهم إلى طريق الباطل والسعي خلف الشر والبغي والطغيان واستدرجوا المسلمين إلى طريق الباطل المؤدي إلى نار الجحيم.

ويؤكد: بينما القرآن مصدرُه كلامُ الله أنزله على رسوله في آيات القرآن الكريم، والذي يدعو فيه الناس إلى اتباع كتابه والسير على هداه، حتى لا يضلّوا في الحياة ويصيبهم الضنْكُ والشقاءُ بل يريد الله للناس الحياة الطيبة والعيش الكريم في ظل الأمن والاستقرار والسلام والتعاون على البرِّ والتقوى بالرحمة والعدل والإحسان، لتحقيق السلام الاجتماعي بالتضامن والتكاتف لمساعدة الفقراء وأبناء السبيل والمساكين والرفق بالضعفاء ونصرة المظلومين وإعانة المحتاجين لتتنزل البركات من الله على العالمين، واتباع أمره بطاعته في قوله سبحانه: ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ) (المائدة: 2)، وقوله سبحانه: (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّـهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّـهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّـهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ) القصص (77).