
يعتبر فوز مرشح بلادنا السيد سيدي ولد التاه برئاسة مجموعة البنك الإفريقي للتنمية (AfDB) حدث ذو دلالات مهمة على عدة مستويات، منها أساسا:
أولا:
* يعزز الفوز مكانة موريتانيا إقليميًا ودوليًا:
* يمثل الفوز اعترافًا دوليًا بمكانة موريتانيا المتزايدة في المحافل الإفريقية والدولية.
* يضع موريتانيا في موقع قيادي مؤثر في توجيه سياسات التنمية والقروض في القارة الإفريقية.
* يعكس نجاح الدبلوماسية الموريتانية وقدرتها على حشد الدعم الإقليمي والدولي.
ثانيا:
التركيز على أولويات موريتانيا والقارة:
إذ من المتوقع أن يولي ولد التاه اهتمامًا خاصًا لتحديات منطقته، مثل الأمن الغذائي (خاصة في دول الساحل)، والتكيف مع تغير المناخ (الجفاف، التصحر)، وتنمية البنية التحتية الأساسية وقضايا الشباب والن:أة كما ذكر في خطاب ترشحه
كما أن لهذا الفوز الثمين فرصة ساحة تمكن ولد التاه من تعزيز دعم البنك لمشاريع الطاقة المتجددة في موريتانيا والدول المجاورة، مستفيدًا من إمكانات البلاد الهائلة في هذا المجال.
ثالثا:
الاعتراف بالخبرة والكفاءة:
إذ يؤكد الفوز على الخبرة المهنية العالية للسيد ولد التاه، خاصة في المجال المالي والاقتصادي (كوزير سابق للاقتصاد والمالية في موريتانيا).
كما يعكس ثقة الدول الأعضاء (خاصة الدول الإفريقية) في قدرته على قيادة واحدة من أهم مؤسسات التمويل التنموي في القارة.
رابعا:
تأكيد التناوب الإقليمي
حيث يبرز الفوز مبدأ التناوب على المناصب القيادية بين الأقاليم الفرعية في إفريقيا (شمال، غرب، شرق، وسط، جنوب).
و يُظهر أن الدول "الصغيرة" نسبيًا مثل موريتانيا يمكنها الفوز بمناصب رفيعة بناءً على كفاءة مرشحيها وقوة تحالفاتها الدبلوماسية.
خامسا:
التعاون مع دول المغرب العربي ودول الخليج:
في هذا الصدد، يُعتقد أن دعم دول المغرب العربي ودول مجلس التعاون الخليجي (الممولين الرئيسيين للبنك) كان حاسمًا في فوز ولد التاه، مما قد يعزز مشاريع التعاون بين هذه الأطراف ومجموعة البنك.
سادسا:
الدور المحوري لرئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني
نعم، يظهر بشكل جلي الدور المحوري والحاسم الذي لعبه فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني في فوز سيدي ولد التاه برئاسة البنك الإفريقي للتنمية، وذلك لعدة أسباب مرتبطة بالمنصب السابق لفخامة الرئيس حين كان رئيسا للاتحاد الإفريقي (2022-2023) ودوره الحالي كرئيس لموريتانيا:
خلال فترة رئاسته للاتحاد الإفريقي (2022-2023)، بنى ولد الغزواني علاقات دبلوماسية قوية مع قادة إفريقيا ومؤسساتها الرئيسية. هذه الشبكة الواسعة من العلاقات الشخصية والمؤسسية كانت أداة ثمينة لحشد الدعم لمرشح موريتانيا لاحقًا.
وقد استطاع فخامة الرئيس أن يعلي من شأن رئاسته للاتحاد ويرفع الملف الشخصي لموريتانيا و يبرزها كفاعل إفريقي جاد وموثوق، مما عزز مصداقية مرشحها لمنصب رفيع.
كما تولى ولد الغزواني بنفسه قيادة وتنسيق الجهود الدبلوماسية المكثفة لضمان فوز ولد التاه. وهذا يشمل:
- الزيارات واللقاءات الثنائية: والقيام بزيارات مكوكية إلى عواصم إفريقية مؤثرة (خاصة في غرب ووسط وشمال إفريقيا) وكذلك إلى دول خليجية داعمة للبنك (مثل السعودية والإمارات)، لعرض قضية المرشح وكسب التأييد.
وفي نفس السياق استثمر فخامة الرئيس علاقاته الشخصية مع نظرائه من الرؤساء والقادة الإفارقة لإقناعهم بالتصويت لصالح ولد التاه أو حث حلفائهم على ذلك.
و باعتباره رئيسًا سابقًا للاتحاد الإفريقي و بالنظر إلى العلاقة المميزة التي تربطه بالدول الخليجية ، كان موقعه مثاليًا لتعزيز الدعم من الدول الخايجية الأعضاء في البنك و المانحة الرئيسية، وهو داعم حيوي في انتخابات البنك.
ويأتي اختيار سيدي ولد التاه كمرشح كان قرارًا سياديًا بقيادة الرئيس، مما يعكس ثقة الرئيس به حيث وضع الرئيس كامل ثقل الدولة الموريتانية ومواردها الدبلوماسية خلف هذا المرشح، مما أعطى الحملة مشروعية وقوة دفع كبيرة. ومن النقاط البلرزة في قوة الدبلوماسية ألم ريتانية هو اعتماده استراتيجية التصويت التكتلي وتوازن الأقاليم كما أشرنا سابقا حتى تستفيد بلادنا من مبدأ التناوب الإقليمي على رئاسة البنك، حيث كانت النوبة هذه المرة لمنطقة شمال إفريقيا (التي تضم موريتانيا عادة في التصنيفات المؤسسية الإفريقية).
من هنا عمل فخامة رئيس الجمهورية بجد على توحيد دول شمال إفريقيا خلف مرشح واحد (ولد التاه) ومنع التشرذم، كما عمل على كسب دعم دول غرب إفريقيا المجاورة بفاعلية.
إن نجاح هذا المسعى كان يُنظر إليه على أنه أولوية وطنية وإنجاز شخصي للرئيس محمد ولد الشيخ الغزوان، يعزز مكانته كقائد إفريقي فاعل ويجسد نجاح سياسة موريتانيا الخارجية تحت قيادته.
بينما كانت كفاءة سيدي ولد التاه وخبرته عاملًا أساسيًا في الفوز، إلا أن الدور الدبلوماسي النشط والقيادة الشخصية للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني كانا حاسمين في تحويل هذا الترشيح إلى فوز. استفاد ولد الغزواني بشكل كبير من شبكة علاقاته التي بناها خلال رئاسته للاتحاد الإفريقي وقاد بحنكة الحملة الدبلوماسية التي ضمنت تجميع الأصوات اللازمة عبر إفريقيا وحتى خارجها. يعكس هذا الفوز إذن نجاحًا للدبلوماسية الموريتانية بقيادة رئيسها.
سابعا: تحديات ومسؤوليات جسيمة
يأتي الفوز في وقت تواجه فيه إفريقيا تحديات هائلة: تداعيات جائحة كوفيد-19، ارتفاع المديونية، التضخم، انعدام الأمن في بعض المناطق، وآثار التغير المناخي الحادة.
ستكون مهمة ولد التاه معقدة وتتطلب تحقيق التوازن بين احتياجات التنمية المتنوعة للدول الأعضاء والضغوط الجيوسياسية والحفاظ على التصنيف.
فوز سيدي ولد التاه هو انتصار دبلوماسي كبير لموريتانيا، يعزز مكانتها ويمنحها نفوذًا مباشرًا في رسم مستقبل التنمية في إفريقيا. وهو أيضًا اعتراف بكفاءته الشخصية وتأكيد على حق جميع الدول الإفريقية في القيادة، بغض النظر عن حجمها. مع ذلك، فإن المهمة المقبلة محفوفة بالتحديات الاقتصادية والمناخية والأمنية التي تتطلب حكمة وحنكة في القيادة. يُنظر إلى هذا الفوز على نطاق واسع على أنه فرصة لدفع أجندة تنموية تركز على تحديات منطقة غرب إفريقيا والساحل بشكل خاص.
د.الحسن ولد اعمر بلول.