أين المسلمون؟ / بقلم المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي

أربعاء, 08/27/2025 - 10:42

 

من احتج بالقرآن لجم الجهلة وأسكت الغربان. الرسالة تضمنت آياتها مشروعًا عظيمًا لسعادة الإنسان في الدنيا، وما فيها من تشريعات ومنهاج يحيل الحياة الدنيا إلى من يحياها حياة رفاهية وأمن واستقرار. فلن تجد فيها نزاعًا ولا قتالًا ولا محاكم ولا من يفك الاشتباك، فكل إنسان يعيش في المدينة الفاضلة بكل معانيها، لن يعتدي على غيره، بل سيبادر بالعون والمساعدة. سيتحقق فيها التعاون، سترتقي فيها العلاقات الإنسانية، وسيصبح الإيثار عنوانًا للتسابق والخبرات.

فلن تجد فيها ظالمًا ولا مظلومًا، ولا متكبرًا ولا طاغيًا يستبيح حقوق الإنسان، بل سيبادر بإعطائه حقه. ستجد في المدينة الفاضلة التي وضعت خارطتها في القرآن تحقق التكامل والاكتفاء الذاتي، فلن تجد فيها سائلا ولا فقيرًا ولا غنيًا يستعلي على غيره من الناس، فالكل سواء يحافظون على تراب وطنهم ويدافعون عنه بأرواحهم. فلا صراع سياسي ولا معارضة من أجل فئة تستحوذ على الحكم من أجل السلطة السياسية لتتحكم في العباد.

ستجد فيها الضمير حيًا، والعدل مطبقًا، والتعاون يحقق حصاده في التنمية الاقتصادية والارتقاء بمستوى المعيشة فيها. ستجد المدينة الفاضلة التي وضع مواصفاتها رب العالمين في المعاملات والعلاقات الإنسانية، وفي تكريمه سبحانه لبني آدم، مصانة حريته، محمية حقوقه.

للأسف لم يستطع السابقون أن يكتشفوا حقيقة المدينة الفاضلة في القرآن التي لن تجد فيها العدوان لا على مستوى الأفراد ولا بين الدول، ليس كما سولت للعرب أنفسهم حين غزوا فارس وأسقطوا إمبراطوريتها بزعم الفتوحات، ولا عدوانهم على أوروبا، احتلوا دولهم وشردوا مواطنيهم باسم الإسلام، والإسلام منهم براء.

ولم يتقاتل رفقاء الرسول، علي بن أبي طالب وعثمان، في معركة سقط فيها مئات الشهداء. فما علاقة الإسلام بسفك الدماء؟ تلك نزوات الشيطان وليست أوامر الرحمن. من اسم الله يتعلم الإنسان الرحمة، لأنه الرحمن الرحيم. من اسمه سبحانه يتعلم الإنسان الودود والكريم واللطيف والعادل والسلام. ودعوة الله الناس لنشر السلام. إذاً أين المسلمون؟؟