أين أنتم من جمال؟ / بقلم الاستاذ والاعلامي المصري مجدي طنطاوي

أحد, 09/28/2025 - 14:27

 

جميل أن يكون لدينا وفاء أن نحمل في قلوبنا عرفانا لكل من قدّم خيرا لهذا الوطن لكل من نذر عمره ليبني لا ليهدم ليحرر لا ليُذل ليحلم بمستقبل للأمة لا بمجد شخصي زائل

ورائع والله أن تطالعنا صفحات الإعلام بخبر أن "الناصريين" فتحوا ضريح الزعيم الراحل جمال عبد الناصر يتقدمهم نجله في مشهد يغلب عليه الحنين وتغمره دموع البسطاء الذين لم يجدوا في العقود الأخيرة ملامح تشبهه
لكن دعوني أسأل... لا من باب الغضب بل من باب الحسرة

ألم يكن فيكم رجل رشيد؟

ألم يخرج من بينكم صوت صادق نقيّ شجاع يقول للناس ما لكم وما عليكم؟ يفسر ما التبس من المواقف ويفك شفرات سنوات من التساؤلات والاتهامات التي طالت الرجل وشوّهت ثوبه أمام شعبٍ أحبّه بصدق ثم تُرك حبه نهبا لتجار الشعارات!

ألم يكن أولى بأبناء عبد الناصر من صلبه ومن مدرسته أن يدافعوا عن ميراثه السياسي والأخلاقي؟ أن يُحسنوا حفظ الأمانة بدلا من تركها على قارعة الطريق يتنازعها المتسلقون والمزايدون؟

أين كنتم حين صار اسم جمال يُستدعى فقط في مهرجانات الكلام ولا يُترجم في السياسات ولا في المواقف؟ أين كنتم حين تحول الناصريون إلى قبائل صغيرة كلّ يشد اللحاف إلى مصالحه حتى تمزق اللحاف وبقي الوطن عاريا من العدالة والكرامة والحق؟

هل يُعقل أن يُختزل عبد الناصر هذا القائد الذي حارب الفقر والاحتلال والفساد في صورة على جدار أو في منشور على "فيسبوك"؟ هل هذا هو الوفاء لمن حمل هم الفلاح والعامل وصاغ مشروعا وطنيا كان فيه الشعب هو السيد لا التابع؟

كفى متاجرة باسمه... كفى استثمارا في ذكراه... فالحب الحقيقي ليس خطبة في ذكرى رحيله بل موقفا في زمن الهوان

عودوا إلى ضمير جمال لا إلى صورته

احملوا فكرته لا تمثالَه
واجعلوا من اسمه منارة لا مَطية

فعبد الناصر لم يكن نبيا لكنه كان رجلا صادقا أحب هذا الوطن ويستحق منكم أن تكونوا على قدر هذا الحب لا أن تبيعوه في مزاد السياسة الرديئة

رحم الله من عاش نقيا ومات شريفا... وخلد ذكره في قلوب لم تخنه وإن خانه بعض مَن حملوا اسمه