
يعد محمد ولد الشيخ الغزواني رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية استثناء نادرا، يجمع بين قوة القيادة ونُبل الأخلاق، بين صلابة الحكم ولين القلب، بين السلطة ونكران الذات، في توازن دقيق يجعل منه قائدًا قويا اختار القرب من الناس، يُدير الحكم، بهدوء بدل الضجيج، والقرب بدل التعالي، والحكمة بدل الصدام.
منذ توليه رئاسة الجمهورية، أظهر توجهًا واضحًا نحو بناء دولة تحترم مواطنيها، خصوصًا الشرائح الهشّة التي ظلت لعقود طويلة على هامش الخطط والسياسات، حيث وضع هؤلاء في صلب اهتمامه، لا منّةً ولا ترويجًا، بل باعتبارهم مواطنين كاملي الحقوق يستحقون أن يُنصت إليهم، وتُصاغ السياسات بناءً على حاجاتهم الحقيقية.
ليس رئيس الجمهورية ولد الشيخ الغزواني قائدًا ناعمًا فقط، علما أنه ينتمي إلى بيتٍ عُرف بالتصوف والعلم والفضل والورع والصلاح، بل هو رجل حزم حين يقتضي الأمر، يشهد له تاريخه العسكري ومناصبه الأمنية العليا بذلك، لكنه لم يسمح للقوة أن تهمّش الإنسان فيه، بل استخدمها في مواضعها: حماية الدولة، فرض النظام، ومكافحة الفساد، في توازنٍ دقيق بين اليد الحانية والعين الساهرة.
قوّته لا تُترجم في الخطابات النارية أو المظاهر الفارغة، بل في القرارات الجريئة، وفي الإصلاحات العميقة التي مسّت مفاصل الإدارة.
لقد أثبت رئيس الجمهورية أن التواضع لا يُضعف هيبة الحاكم، بل يزيده احترامًا، فعلاقته بالمواطنين تتسم بالبساطة والاحترام، دون حواجز أو استعراض.
من أبرز ما يُميز تجربة الرئيس غزواني، هو ابتعاده عن تمجيد الذات، وحرصه على ترسيخ ثقافة دولة المؤسسات. فقراراته تُبنى بتشاور، ومسؤولوه يتحركون بصلاحيات حقيقية، بعيدًا عن المركزية المُعيقة التي لطالما كبّلت الإدارة العمومية.
لقد جمع رئيس الجمهورية بين الواقعية، بين الإيمان بالدولة والرحمة بالمجتمع، فكان مثالًا لقائدٍ يمشي على خطى الكبار، تاركا أثرًا لا يُمحى في ذاكرة الحكم الموريتاني الحديث.
نوح محمد محمود كاتب صحفي مقيم في دولة الامارات العربية المتحدة.