
علي ضوء ما كشفته تقارير محكمة الحسابات و المفتشية العامة للدولة من تجاوزات صارخة واختلالات مالية جسيمة داخل عدد من المرافق العمومية، لم يعد الصمت مقبولاً، ولا التسامح مع المفسدين خيارًا، فلقد بلغ السيل الزبى، والسكوت عن الفساد بات تواطؤًا ضمنيًا، إن لم نقل جريمة في حق الوطن والمواطن.
إن أغلب من تعاقبوا على مؤسسات الدولة وأعاثوا فيها خرابًا وسوء تدبير، وبعضهم الان في مناصب يسيرون وفي نفس الوقت يسددون للخزينة مبالغ سبق أن الزمتهم المفتشية العامة للدولة استرجاعها يجب أن يُفضَحوا، وتُكشَف أسماؤهم أمام الرأي العام، دون تستر أو مجاملة، ليكونوا عبرة لغيرهم.
ولم يعد مقبولاً أن تُطوى مثل هذه التقارير في الأدراج، أو تُلفّق لها مبررات بيروقراطية لطمس الحقائق، فالوقت قد حان لفرض الإصلاح وعلى الدولة أن تنشر أسماء كل من شملهم التفتيش وثبت ضلوعهم في الفساد.
لا يعقل، بأي حال من الأحوال، أن يتم تدوير هؤلاء الفاسدين اللذين الزمتهم المفتشية العامة للدولة وفرض عليهم تسديد أموال سروقوها سابقا في مناصب جريدة، وكأنهم أكفاء أو ضحايا ظلم، بل العكس، يجب أن يُمنعوا نهائيًا من تقلّد أي مسؤولية عمومية مستقبلاً، ويُحالوا على القضاء، ليُحاسبوا على ما اقترفت أيديهم من تخريب ونهب.
وهنا، تعالت الندءات من كل حدب وصوب إلى فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني، بالوقوف في وجه تدوير المفسدين، قائلة - كفى حمايةً للوجوه التي اعتادت العبث بمقدرات الدولة، آن الأوان لمحاكمة كل من ثبت تورطه في تهريب الأموال إلى الخارج لشراء العقارات في "لاس بالماس" و"المغرب" و"تركيا"، فهؤلاء لم يكتفوا بسرقة أموال الشعب، بل استثمروا فيها خارج حدود الوطن.
إن كثيرًا من هؤلاء المفسدين الذين طغوا وتجبروا، أصيبوا بأمراض، وكأنها رسائل إلهية تذكرهم بسوء صنيعهم، لكن المؤسف أن الرسالة لم تصل، أو أنهم لم يتعظوا، فقد ظلوا على غيهم وكأن شيئًا لم يكن.
وما يثير القلق أكثر هو أن بعض هؤلاء لا يتورعون عن الكذب والخداع في العلن، وهم في مناصب تتطلب الصدق والنزاهة.
وإننا نذكّر هنا بأن من يتولى منصبًا وهو كاذب، فإن تعيينه يعد باطل شرعًا ومخالف للقوانين، فكيف نأتمن كاذبًا على مصالح الأمة؟ وكيف نمنح ثقة الدولة لمن خان الأمانة؟ إن بقاء هؤلاء في مواقعهم هو استمرار لدوامة الفساد.
لقد آن الأوان ليشعر الشعب أن العدالة لا تزال موجودة… وأن زمن الإفلات من العقاب قد ولى.
نوح محمد محمود كاتب صحفي