
في زمن تتراكم فيه الأخطاء وتُنسى المسؤوليات تحت غبار المناصب والمصالح، يخرج رجل دولة أمين مثل عبدي سالم ولد الشيخ سعد بوه ليكسر هذا النمط السائد، ويُقدّم درساً نادراً في الأخلاق السياسية وتحمل المسؤولية، حتى في لحظات الصمت التي يختبئ فيها كثيرون خلف جدران الصمت أو الإنكار.
لقد عرف الشعب الموريتاني عبدي سالم ليس فقط كإطار إداري رفيع تقلد مسؤوليات كبار، كمستشار في الوزارة الأولى، وأمين عام سابق لوزارة التشغيل والتكوين المهني، بل عرفه أيضاً كرجل متزن، صادق، ونزيه، أمين، لم يُعرف عنه طيلة مسيرته أي شبهات في اختلاس أو تلاعب بالمال العام، وهو ما يجعل من اعتذاره العلني موقفاً مشرفاً يعبّر عن ضمير يقظ وأمانة داخلية لا تتأثر بتقلبات السياسة أو صخب الإعلام.
حين يقول ولد الشيخ سعد بوه إنه ربما "فرّط في الأمانة أو سيّرها بطريقة خاطئة"، فإنه لا يبحث عن تبرير، بل يعبر عن أمناته الباطنية قبل أن يواجه الآخرين، ويُقرّ بإمكانية التقصير دون أن يُحمّل غيره المسؤولية، وهو النزيه في كل ذلك، وهذا في حد ذاته قمة الشجاعة، لأن الاعتراف بالتقصير أو الخطأ في عالم السياسة والإدارة يُعدّ ضرباً من الندرة، إن لم يكن نادراً تماماً.
إن موقف عبدي سالم، بما فيه من شجاعة أدبية، واحترام للشعب، وللقيادة، ولأسرته الصغيرة الكبيرة ( أهل الشيخ سعدبوه ولد الشيخ محمد فاضل ولد مامين الشريفة )، يعيد الاعتبار لفكرة أن المسؤولية ليست فقط سلطة تُمارَس، بل أمانة تُحمَل، ووزر يُحاسَب عليه الإنسان أمام ضميره، قبل أن يُسأل عنه أمام القانون.
نوح محمد محمود




