
الأرضُ بعد الشيخ ثكلى يالها ... قد زُلْزِلَتْ من فَقْدِهِ زِلْزَالَها
لامية الهادي ول بدي الشهيرة في رثاء الشيخ سيديا أنموذج على مثل ما يمكن قوله في رثاء الشريف زين الفِعال والأقوال محمد الزين ول القاسم رحمه الله .
وتعريفا بهذا الولي الصالح للقارئ الكريم؛ فإنه الشريف نسباً الجكني سكناً وهوى وخؤولة محمد الزين ولد القاسم، ولد في مدينة گرو منتصف العقد السادس من القرن الماضي، ونشأ على ما ينشأ عليه أقرانه من تعلم العلوم الشرعية والعربية ، وظهرت عليه في صباه أمارات الولاية والصلاح حيث لم يعش حياة الشباب مطلقاً في مجتمع لا يدون الكرامات ولا يتناقلها.
فعندما لاحظت الوالدة -حفظها الله- تعلقي به ومحبتي له في الله والرحم قبل سنوات قالت لي بالحرف "نشهد لك بنو ما عاش حياة الشباب"!
كانت حياته كلها طاعة لله، من تعلم للعلم الشرعي وتعليمه، ثم التفرغ لخدمة طلبة العلم والمحاويج من الناس.
كرّس فقيدنا وقته و ما منحه الله من مال وجاه في خدمة المسلمين في كلّ موريتانيا وعلى وجه الخصوص في محور: آدرار- تكانت- لعصابة.
شقّ الطرق الوعرة، وقام بحفر الآبار وبناء المساجد والإنفاق على عشرات المحاظر ( الكتاتيب) لتدريس القرآن والسنة و العلوم الشرعية والعربية.
كان ينتبه لأدق التفاصيل بالنسبة لضعاف رحمه والمسلمين عموما ؛ هذا يحتاج لبقرة حلوب فتعطى له ، وتلك تعيل يتامى تحتاج لسكن دائم فيشترى لها ، وذاك يحتاج لتذكرة سفر وآخر يحتاج لعمل.. يسعى لهذا وذاك للقريب والبعيد دون كلل أو ملل!
موفق ومنصور الأفعال والأقوال؛ و عن دماثة خلقه حدّث ولا حرج، فهذا الرجل الذي يصبح بجانبه أكبر شخص في الدولة مثل الطفل، تراه يمازح أضعف خلق الله ويلاعبه دون أي شعور بالفوقية وهذا بحق هو السر الأعظم.
هذا هو ظاهر حياته … أما سرّه وما خفي من أخباره فيكيفكم منه مماته العجيب رحمه الله.
لقد عاش عيشة هنيئة ومات ميتة سوية؛ دون كثير تمريض يرحل في ضحى الجمعة .. ليصلي عليه آلاف المسلمين تغمده الله بواسع رحمه وأسكنه فسيح جنانه.
غيب المنون تلك الابتسامة الصادقة، والمزاح اللذيذ، وذلك الوجه النوراني، ولا نقول إلا ما يرضي الله.
تعازينا للأولياء الصالحين في كل أرض وسماء …
تعازينا لأهل الله جميعاً لطلبة العلم ، للعلم نفسه ، لجبال تكانت الشامخات وأودية آدرار، وتخوم لعصابة من كل جانب.
تعازينا للمعروف؛ للدين والمروءة معاً …
تعازينا لإخوتي آل الفقيد، لأهلنا جميعا أهل ديدي وللبيت الجكني المتصدع بهذا الرزء العظيم، ولأهل مولاي الزين في كل مكان، وتعازينا للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.
"يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي"
رضي الله عن محمد الزين ولد القاسم، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
بقلم عمارو ذوالنورين




