إقالة الكفاءات النظيفة تقويضٌ لجهود مكافحة الفساد ومؤشّرٌ على إفشال الإصلاح بقلم: محمد الأمين الشنقيطي – المملكة العربية السعودية

سبت, 11/01/2025 - 07:30

 

 

 

 

في الوقت الذي تتعالى فيه الأصوات الرسمية والشعبية المنادية بمحاربة الفساد وترسيخ مبادئ الشفافية، تفاجأ الرأي العام بإقالات وتهميشات طالت عددًا من الكفاءات الوطنية المشهود لها بالنزاهة والمهنية، ما أثار تساؤلاتٍ عميقة حول جدية مسار الإصلاح الإداري في البلاد.

تغييب الكفاءات… تغييبٌ للقيم

لا شكّ أن إقصاء الكفاءات النظيفة وتهميش الطاقات المخلصة لا يمثّل مجرد تغييرٍ في الأسماء والمناصب، بل هو تغييبٌ لقيمٍ ومبادئ تُشكِّل روح الدولة ومعنى الإصلاح. فالإصلاح الحقيقي لا يقوم إلا على إرادةٍ تُنصف الشرفاء وتحمي من خدموا الوطن بإخلاص وتفانٍ.

أسماء لامعة أُقصيت بلا مبرّر

لقد شكّلت إقالاتُ أو تهميشُ عددٍ من الشخصيات الوطنية النزيهة والمؤهلة – مثل الوزير الاول السابق محمد بلال مسعود و الوزراء  السابقون :  كان عثمان وإسماعيل ولد عبد الفتاح، ونبقوه بنت حابة، وأحمد ولد محمدن ، وحمود ولد امحمد، والشيخ سعدبوه كمرا، وغيرهم – صدمةً لدى الرأي العام الوطني، خصوصًا لدى المراقبين الذين يرون في هذه الأسماء نماذج مشرّفة لخدمة الدولة بنزاهة ومسؤولية.
فهؤلاء يمثّلون جيلًا من الإداريين والفاعلين الذين جمعوا بين الكفاءة المهنية والضمير الوطني، وأسهموا في تطوير القطاعات التي تولّوها دون أن تُثار حولهم شبهات فساد أو إساءة استخدام للمنصب، بخلاف كثيرين غيرهم.

تراجع في الثقة والإصلاح

تغييب هذه الطاقات لا يمكن قراءته إلا في سياق تراجع الثقة في معايير التعيين والاستحقاق، وهو ما يثير تساؤلاتٍ حول مدى الجدية في ترسيخ مبادئ الشفافية والحوكمة الرشيدة.
فإقالة الكفاءات النظيفة في لحظةٍ يُفترض أن تكون لحظةَ تجديدٍ للثقة في الطاقات الوطنية الشريفة تمثّل رسالةً سلبية على أكثر من صعيد؛ إذ تزرع الإحباط في نفوس الموظفين الشرفاء الذين يرون أنّ النزاهة لم تعد معيارًا للترقّي، كما تفتح الباب أمام عودة منطق الولاء بدل الكفاءة، والمحسوبية بدل المهنية.

خطر العودة إلى المربّع القديم

إن استمرار هذا النهج سيقوّض كلَّ ما تمّ بناؤه في مجال الشفافية والإصلاح الإداري، وسيعيد البلاد إلى مربّع التوازنات الشخصية والقبلية والحزبية التي عطّلت التنمية لعقود.
فالإصلاح الحقيقي يبدأ من تمكين الكفاءات الوطنية النزيهة ومنحها الثقة لتقود مسيرة التغيير، لا بإقصائها وإضعاف روح المبادرة في صفوف المخلصين.