
شهدت مدينة النعمة مؤخراً حدثاً وطنياً بالغ الأهمية، تمثل في إطلاق رئيس الجمهورية للبرنامج التنموي الاستعجالي للنفاذ إلى الخدمات الأساسية، وهو برنامج يعكس إرادة الدولة في تسريع وتيرة التنمية وتوجيه الجهود نحو تحسين حياة المواطنين في المناطق الداخلية.
غير أن ما لفت انتباه الرأي العام، هو الغياب اللافت لرجال الأعمال عن هذا الحدث، باستثناء رئيس الاتحاد الوطني لأرباب العمل، زين العابدين ولد الشيخ أحمد، الذي ألقى كلمة باسم القطاع الخاص.
ورغم حضور رئيس أرباب العمل، إلا أن مضامين كلمته أثارت جدلاً واسعاً، حيث رأى فيها العديد من المتابعين مغالطة لتوجيهات رئيس الجمهورية وتبريراً غير مقنع لتقصير رجال الأعمال في تنفيذ التزاماتهم السابقة، خصوصاً التعهد الذي قدموه خلال معرض الثروة الحيوانية في تمبدغة.
لقد عكس غياب رجال الأعمال عن مناسبة بحجم إطلاق برنامج وطني للتنمية، في نظر الكثيرين، خللاً في مفهوم الشراكة بين القطاعين العام والخاص، فبدلاً من أن يكون رجال الأعمال ذراعاً فاعلاً في تنفيذ المشاريع الوطنية، يظهر الواقع أن أغلبهم يركز على الربح المادي والربح السريع فقط، دون اعتبار للمسؤولية الاجتماعية أو البعد الوطني لاستثماراتهم.
لقد أرادت الدولة من خلال تنظيم معرض الثروة الحيوانية في تمبدغة أن تجعل من هذا المورد المتجدد قاطرةً للتنمية الاقتصادية، فهو يشكل العمود الفقري للاقتصاد الوطني ويساهم بأكثر من 90% من الناتج المحلي في بعض الولايات، غير أن غياب الدعم الفعلي من القطاع الخاص جعل هذه الجهود تظل حبيسة الخطابات والتعهدات.
إن ضعف التزام العديد من الشركات ورجال الأعمال بدفاتر الشروط في المشاريع الوطنية الكبرى — سواء تعلق الأمر بطرق استراتيجية مثل طريق النعمة - بنكو أو طريق آمرج - عدل بكرو، أو بمشاريع المياه والبنى التحتية — يفرض على الدولة مراجعة العلاقة مع هذا القطاع، وفرض آليات صارمة للمحاسبة والشفافية، فلا يمكن لأي برنامج تنموي أن يحقق أهدافه في غياب شركاء اقتصاديين يتحلون بالمسؤولية والانضباط، يؤمنون بأن التنمية ليست مجرد فرصة للربح، بل واجب وطني يسهم في استقرار البلاد وتقدمها.




